اختفاء الطفلة مادلين في البرتغال يحزن البريطانيين

تحول اختفاء الطفلة البريطانية مادلين < 4 سنوات > في البرتغال إلى موضوع قومي يفرض نفسه على كل شئ في لندن والمدن الأخرى والقرى وملاعب الكرة والمسابقات الفنية . ويتسابق الأثرياء والمشاهير في مناشدة الخاطفين بالافراج عن الطفلة واعادتها إلى أهلها وانهاء هذه المأساة .

وأصبحت الطفلة < مادلين > أكثر شهرة من الأميرة الراحلة ديانا , عندما غطت أخبارها على كل شئ بعد الحادث الذي أنهى حياتها في نفق باريسي مع المصري دودي الفايد , منذ ما يقرب من عشر سنوات .

ولدى البريطانيين مشاعرهم الجياشة والغاضبة على خطف طفلة صغيرة من غرفة نومها في متجه برتغالي , بينما كانت الأم مع الأب يتناولان العشاء في مطعم قريب من الشقة التي تنام فيها < مادلين > مع شقيقين أصغر منها .

ورصدت صحيفة بريطانية مبلغ 1.5 مليون جنيه استرليني مكافأة لمن يدلي بمعلومات عن غياب الطفلة تؤدي إلى معرفة مصيرها وكشف هذا الغموض الذي يحيط به . وقد تم خطف < مادلين > منذ أكثر من أسبوع , وتبدو الشرطة البرتغالية تائهة ولم تصل إلى خيط يقودها إلى فك شفرة الغموض لهذا الحادث المثير .

وأصبحت صورة الطفلة < مادلين > أهم خبر في الصحف بكافة أنواعها الشعبية والنوعية , مما شكل نمو اهتمام الرأي العام نحو متابعة قصة الطفلة الصغيرة التي تم خطفها خارج البلاد والصلاة للافراج عنها ومعرفة مصيرها وعودتها إلى أهلها ووطنها .

وحتى الآن لم يظهر أي خيط ينير الغموض الذي يلف الحادث كله , وإن كانت بعض التقارير في الصحف البريطانية لامت الأم والأب معاً لتركهما الطفلة الصغيرة بمفردها والذهاب للعشاء , لكن مع استمرار الاهتمام بالقصة , تلاشت عملية النقد والتركيز بدلاً من ذلك على غياب مادلين وعدم وجود أي أثر لها منذ اختفاءها في < باريا دي لوج > في البرتغال .
وتحولت أخبار استقالة < توني بلير > من رئاسة الوزراء وزعامة الحزب الحاكم , لتحتل مرتبة ثانية وأقل أهمية من تغطيات الصحف ووسائل الإعلام لاختفاء الطفلة مادلين .

دعا غودرون براون المرشح للزعامة البريطانية الجديدة , الخاطفين للإفراج عن < مادلين > وركز خلال حملته الانتخابية الاهتمام بهذا الموضوع , بينما ساهم مشاهير مثل اللاعب ديفيد بيكهام في الحملة لنشر صورة الطفلة , التي لم يُعرف طبيعة الخاطفين لها وأهدافهم , وما إذا كانوا ينتمون إلى عصابات تهدف الحصول على أموال , أم مجرد مجرمين يؤذون الأطفال الصغار ويستغلوهم في اغراض اجرامية .


وغموض الحادث كله , يجعل البريطانيين في حيرة بالغة , خصوصاً وأن الخطف جرى على أرض أجنبية , هي بالنسبة لهم مكاناً لقضاء العطلات والاسترخاء والشعور بالأمان والحرية والاستمتاع بجمال البحر والطبيعة والتعامل مع نمط حضاري آخر , يختلف عن طبيعة العيش في الجزيرة البريطانية الممطرة والضبابية .

ويزداد أعداد البريطانيين الذين يقضون العطلات في الخارج , خصوصاً في أسبانيا والبرتغال واليونان والدول الدافئة , على ضفاف المتوسط . وخطف < مادلين > يسبب الشعور بالصدمة لشعب لم يتعود على الخروج من جزيرته بهذه الأعداد إلى دول أخرى دافئة في مناخها وثقافتها . ويصلي البريطانيون لأن تكون < مادلين > سالمة , لم يمسها أذى ويتم الافراج عنها قريباً , سواء بواسطة الشرطة البرتغالية أو نتيجة المكافآت المالية العالية التي وصلت إلى 2.5 مليون جنيه استرليني .

وشارك مشاهير وأثرياء في رفع قيمة المكافأة إلى هذا الرقم , في تفاعل بين المال والشهرة مع الرأي العام ومشاركته لوعته بغياب هذه الطفلة الجميلة , التي تحولت صورتها إلى < أيقونة > عن البراءة والتي يمكن أن تكون وقعت في يد خاطفين أشرار لا يعرفون الرحمة . وصورة < مادلين > الفتاة الصغيرة الجميلة , تتناقض مع أخرى لبريطانيين في العراق وأفغانستان . وقد تعلق الرأي العام البريطاني بوجه الطفلة , في انعكاس لنبض انساني ونفساني أيضاً , فالعائلة البريطانية التي ذهبت إلى البرتغال توجهت لقضاء عطلة في المنتجع الساحر , وكانت النتيجة هذه المأساة واللوعة . ويشعر الضمير البريطاني بوخز التأنيب , لأنه لم يستطع حماية < مادلين > التي تم خطفها وهي نائمة والأب والأم في سهرة عشاء بمطعم برتغالي قريب .

هذا الاهتمام بصورة < مادلين > قد يكون خلفه الشعور بالتقصير وغياب الأمان , خصوصاً وأن البريطانيين أصبحوا يرون في الرحلة إلى البلاد الدافئة التعويض عن مناخ بارد ومطير في بلادهم .

وقد يربك هذا الحادث نزوح البريطانيين كل ربيع وصيف إلى الخارج للاستمتاع بآشعة الشمس , طالما أن هذه العطلات ستعرضهم لهذا النوع من الحوادث واستهدافهم وخطف أطفالهم بهذه القسوة . وعلى الرغم من أن خطف الأطفال في بريطانيا والاعتداء عليهم يحدث في عمليات اجرامية , غير أن غياب < مادلين > في بيئة يحبها البريطانيون مثل البرتغال يسبب لهم اللوعة والألم والقلق والخوف أيضاً .